فرص الطلاب في العمل الحر عبر الانترنت: كيف أصبح العمل الحر الخيار الأفضل على الإطلاق؟

غيرت الثورة الإعلامية والتكنولوجية التي عرفها العالم خلال السنوات القليلة الماضية الكثير من المعطيات التي كانت تتحكم في حياتنا، وأثرت بشكل ملحوظ على جميع جوانبها؛ بل امتدّ هذا التأثير ليشمل أمورًا مصيرية في حياة المرء كالوظيفة وطرق كسب المال، ويجعل من الانترنت سبيلًا لذلك عبر ما يسمى بالعمل الحرّ أو الفريسلانس – Freelance الذي أصبح شديد الرواج بين أوساط الطلبة الجامعيين خاصة والعاملين بشكل عام بفضل مميزاته والخيارات الكثيرة التي يطرحها حتى صاروا يعتمدونه كوظيفة أساسية ولسان حالهم يقول: وداعًا لقيود الوظيفة، وأهلًا بالعمل الحرّ.

سنتطرق في هذا المقال إلى أهمية العمل الحر في عصرنا الحاليّ، كما سنورد أمثلة لأفضل الوظائف التي يمكن أن يعتمدها الطلاب خاصة والمهتمون عمومًا عبر الانترنت.

ماذا نقصد بالعمل الحر؟ وما هي مميزاته؟

رغم أن المصطلح لم يعد بالغريب على المستخدم العربيّ خاصةً، إلا أن الاسم يدلّ على المسمّى؛ فالعمل الحر أو الفريلانس كما هو شائع يقصد به وظائف مستقلة خارجة عن أطر المكان أو التوقيت الزمنيّ، ولا تلتزم بمعايير محدّدة، وتكون تأديتها في الأغلب عبر الانترنت، وهي تشمل مجالات عديدة كالتصميم، والتصوير والتعليم والتسويق والكثير غيرها مما سنفصله فيما بعد. ومن بين تعريفات قاموس أكسفورد لهذا المصطلح هو عمل الإنسان لحسابه الخاص وتوظيفه من عدة شركات لمهام مختلفة.

لقد أصبح العمل الحرّ الخيار الأول للكثيرين حول العالم، وناب بشكل ملحوظ جدًّا الوظيفة التقليدية على الرغم من عدم وجود ضمانات فيه، على عكس الوظيفة التي تضمن لأصحابها وجود راتب ثابت مدى الحياة. ولعل سبب ذلك يرجع أساسًا إلى مختلف المميزات التي تتوفر في العمل الحر ولا تتوفر في غيرها والمتمثلة في:

 الحرية:

هذه الميزة هي الأفضل على الإطلاق، بل لعلّها السبب الرئيسيّ وراء اعتماد أصحاب العمل الحر – Freelancers  لهذا المجال؛ فمن منا يحب القيود المفروضة علينا من طرف الآخرين؟ في العمل الحرّ، أنت مدير نفسك وليس لأحد سلطة عليك، بإمكانك الاستيقاظ في الساعة التي تريد والعمل في الوقت الذي تشاء، وارتداء أي لباس يكون أمامك، فكر في الأمر قليلا: هل يستحق ذلك تقديمك لاستقالتك والبدء في مجال العمل الحر؟

غير مرتبط بمكان أو زمان:

: تريد العمل الحر عبر الانترنت؟ حسنًا، يكفيك شيئان: لابتوب (أو هاتف ذكيّ) وانترنت؛ فقط؟ نعم فقط، ما عدا ذلك لا يهم، لا الوقت الذي تعمل فيه، ولا المكان الذي تتواجد بقربه: بإمكانك حتى العمل من فوق سريرك هل هناك من سيمنعك؟

العمل الذي تحب:

هذه الميزة التي قد لا تضمنها لك الوظيفة التقليدية، سيوفرها لك العمل الحر ويمنحك فرصة امتهان المجال الذي تحب مهما كان. ستجد نفسك محاطًا بشغفك، ومصادر اهتمامك ومهاراتك وسيزيد ذلك من حبك للعمل الذي تقوم بك ممّا سيرفع بدوره من إنتاجيتك.

زيادة في فرص الربح:

: فالعمل الحرّ لا يحدّ من إنتاجيتك، ولا يفرض عليك راتبًا معينا؛ لأنك أنت الذي يحدد تسعير العمل بناء على مهارتك وخبرتك ونوع العمل الذي تقوم به وجودته، وهذا الخيار لا يتوفر في الوظائف التقليدية التي تمنحك راتبًا ثابتًا حتى لو أردت أن تزيد من ساعات عملك لتكسب راتبًا أكبر.

 دائرة علاقات واسعة:

وقد تكون من مختلف الدول، فما الذي يمكن أن نتوقعه من عمل يجري عبر الانترنت؟ هذا الكائن الذي جعل من العالم قرية صغيرة وقلص الحدود الممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب؛ فوجود عملاء لك من أنحاء مختلفة يمنحك فرصًا أكثر، ويفتح أمامك آفاقًا أوسع خاصةً إن كنت تجيد فن التعامل مع الآخرين. حتى أنّ بعض العلاقات بإمكانها أن تتطور وتنتقل من حيز الرسمية إلى طابع الصداقة، ستضرب حينها عصفورين بحجر، ستكسب عميلا وتكسب صديقًا.

 تطور على كافة الأصعدة:

وذلك بفعل عدم ارتباطك والتزامك الدّائم لساعات يومية كما في الوظيفة التقليدية. العمل الحر يمنحك فرصة أن تطور من نفسك ومن مهاراتك، وحتى من المهارات التي تعمل بها، ممّا يعود بالنفع على كافة الأطراف. كما أنّه يفيدك على الصعيد الشخصي والاجتماعي بتقوية علاقاتك العائلية والاجتماعية على عكس الوظيفة التي تتهم بأنها السبب الأول في إفساد العلاقات الاجتماعية وتقويضها.

هذه النقاط التي ذكرناها ليست الوحيدة، لكنّها تعبر عن مدى أهمية العمل الحرّ ومدى السلاسة التي يمنحها للمستقلين.

كيف تبدأ؟ الجدية والالتزام وصفة محمد حبش السرية

الذي سيتبادر الآن إلى ذهن كل مريد للبدء في العمل الحرّ يخصّ الكيفية التي سيباشر بها هذا العمل، وموضع الانطلاقة فيه.

محمد حبش، شاب سوريّ حاصل على ماجيستير في إدارة الأعمال، ورئيس تحرير لعدة مواقع ومدونات ذائعة الصيت مثل مدونة عالم التقنية ومجلة أراجيك كما أنه أحد رواد العمل الحر في الوطن العربي بخبرة تزيد عن عشر سنوات. وهو يكرّس كل جهده ومهاراته في تدريب الشباب على تقنيات العمل الحر عبر الانترنت والتدوين عنه وعن كل ما يتعلق بالتقنية في صفحته على الفيس بوك المرفقة في الصورة أدناه.

محمد حبش يرى بأن الوصفة السرية للنجاح في أي أمر عامة وفي العمل الحر على وجه الخصوص هو اعتماد شيئين عند البدء: الجدية والالتزام. الجدية أثناء البحث عن العمل، وأثناء عرض الأعمال وأثناء التقديم، ثم الالتزام بذلك العمل وبالتسليم في الوقت المحدد وبتطوير المهارات وصقلها، فكل ذلك يحتاج إلى نَفَس طويل وعمل دائم يسبق مرحلة الاستقرار والاعتماد النهائيّ للعمل الحر كمصدر دخل أساسيّ.

وفيما يلي أبرز الأمثلة على منصات وفرصٍ للعمل الحر، والتي يمكن للطلبة خاصة الاستفادة منها:

كاتب مستقل: إذا كنت متقنا للغة ما كالعربية أو الإنجليزية، وكان لديك شغف كبير بالكتابة فبإمكانك أن تحول هذا الشغف إلى مصدر دخل؛ إذ تلقى مهنة الكتاب المستقلين هذه الأيام رواجًا كبيرًا ولها عدة مجالات خاصة مع سعي مختلف الشركات إلى كسب المزيد من العملاء عن طريق كتابة محتوى صحيح وجذاب، بالإضافة إلى إمكانية كتابة وإعداد المحتوى لوسائل التواصل الاجتماعيّ وكتابة المقالات وحتى الترجمة في حال كنت متقنًا لأكثر من لغة.

ولعلّ أبرز المنصات العربية لذلك هي منصة تزويد، بالإضافة إلى خمسات ومستقل والتي ستجمعك مع مختلف العملاء الباحثين عن كتاب مستقلين ومترجمين، أما المنصات الاجنبية فبإمكانك زيارة مواقع: fiverr وfreelancer ثم التسجيل. لكن قبل التقديم في هذه المنصات، أنصحك بإثراء معرض أعمالك وسيرتك الذاتية في هذا المجال، كيف؟ عن طريق التطوع. نعم، فحتى تكسب لا بدّ أن تبذل أنت أيضا: أكتب بعناية ثلاث مقالات مثلا في المنصات التي تمنح فرص الكتابة كمنصة مقال كلاود ومنصة رقيم، وترجم مقالًا آخر، وأضف ذلك إلى معرض أعمالك، دع مقالاتك تتحدث عنك.

مدرس أون لاين: يقول خبير التعليم إيليوت ماسي
علينا أن نأخذ المدرسة إلى الناس، بدل أخذ الناس إلى المدرسة.

فقد توسع هذا المجال في السنوات الأخيرة، وتوسعت خياراته بصفة ملحوظة: لديك مهارة ما؟ بإمكانك تدريسها مهما كانت، تصوير فوتوغرافي، طبخ، لغة، موسيقى، رياضيات… إلخ. هناك عدة مواقع تمنح للمستقلين فرصة التدريس أون لاين مثل: Italki وpreply وTutorMe وما عليك سوى التسجيل، إنشاء حسابك بعناية والبدء في تحضير الدروس للمادة التي ستدرسها.

مسؤول مواقع التواصل الاجتماعي: مع زيادة تواجد الشركات على مواقع التواصل الاجتماعي، ومع كون هذه الأخيرة أحد أسس التعاملات التجارية في وقتنا الحالي، فقد أصبحت وظيفة مسؤول مواقع التواصل الاجتماعي مهمة جدا؛ حيث تضطر الشركات إلى توظيف أشخاص يقومون بمهام كتابة البوستات وتجهيزها، والرد على الرسائل والتعليقات وتسويق الأعمال المعروضة عبر هذه الوسائل.

التصوير والتصميم الغرافيكي: هل أنت فنان مبدع؟ لماذا لا تجعل من فنك وسيلة لكسب رزقك؟ موقعي Shutterstock وIstock يمنحان لك فرصة بيع صورك عبر الانترنت. بإمكانك كذلك عرض خدماتك وتصاميمك المختلفة عبر موقعي upwork وfiverr. لكن مع ذلك، لا تنس التسويق لخدماتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي و في مجموعات الفيس بوك، حيث يتواجد كل أنواع العملاء!

الحرف اليدوية: لعل هذا القسم يناسب البنات أكثر فإذا كنت تمتلكين أي مهارة يدوية مثل التطريز، والخياطة والنسيج، وفن التغليف وصناعة الهدايا، أو حتى الرسم فبإمكان ذلك أن يساعدك في كسب دخل إضافي. كل ما عليك فعله هو التسويق الجيد لمنتجاتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل كسب ثقة الزبائن.

التعليق الصوتي: لديك صوت جهوري، وجميل؟ أخبروك سابقا بأن صوتك يناسب أفلام الكرتون أو وثائقيات ناشيونال جيوغرافيك؟ لماذا لا تستثمر فيه؟ يتم إنتاج الآلاف من المواد المسموعة يوميا والتي تخص مختلف المجالات. بإمكانك أن تعمل كمعلق صوتي مستقل في مجال صناعة الوثائقيات أو البودكاست. موقع sounddeals العربي سيكون الخيار الأفضل لك، بإمكانك الدخول إليه، رؤية نماذج المستقلين السابقين والطريقة التي سجلوا بها صوتهم، ثم الشروع في تسجيل مقطعك الخاص مع ترك لمستك.

الحقيقة أن الشروع في مشوارك العملي ممكن جدا بالتوازي مع دراستك إن كنت طالبًا، وكل ما عليك فعله هو تحديد مهاراتك ومواطن قوتك ثم تطويرها واستغلالها وفق الطريقة الأمثل لكسب الربح منها.